إهداء

.إلى من زرع الحب والحلم بين جفوني

أجمل البحار

.ذلك الذي لم يزره أحد بعد

أجمل الأطفال

.ذلك الذي لم يكبر بعد

أجمل أيامنا

.تلك التي لم نعشها بعد

أجمل الكلمات

.تلك التي لم أقلها بعد

08 October 2010

أحلام العمر الثالث


ما يؤسف له عندما يكبر المرء في العمر، لا سيما بدءًا من المرحلة التي يسميها الجميع منتصف العمر، فإنه يتوقف عن السعي وراء أي حلم جديد، بل ويعدم أيضًا أي حلم قديم ويواريه الثرى. وتتغير نبرة حديثه عن الأحلام. فلا تعود نبرة متحمسة ومشتعلة. وتمتلئ جمله بالأفعال الماضية: "كنت أريد..." أو "كنت سأفعل..." بدلاً من "سأفعل" و"أنوي". يراقب عقارب الساعة مرعوبًا. يضيق عالمه. تموت أزهاره. ويتوقف عن العزف، والغناء.

لماذا يتوقع الإنسان عندما يصل إلى هذه المرحلة سكون المقابر؟ لماذا يقنع بالاستسلام إلى راحة/جمود سريره أو كرسيه الهزاز أمام التلفزيون أو داخل شرفته، يرى العالم كله حوله يتحرك بينما هو ثابت في مكانه؟ لماذا يتوهم أن الأحلام في هذه المرحلة مثل بركان خامد في حين أنها في الحقيقة تظل حممًا بركانية تغلي وتتدفق تحت قشرة رفيعة من السطح؟

الله لم يخلق الأحلام كي نتوقف عن السعي إليها في أية مرحلة. الله لم يخلق الأحلام كي نحققها ثم نقنع بما حققناه فنجلس في الظل نراقب غيرنا في سعيهم وراء أحلامهم. الأحلام هدفها السعي إليها بلا هوادة. هذه الرحلة وراء الحلم أهم بكثير من تحقيق الحلم نفسه.

في خضم مشكلات الحياة اليومية، ستجد أنك غارق وسط الملايين من الالتزامات والمهام ومواعيد التسليم النهائية. لا شك بالطبع أن هذه المهام ضرورية، فلولاها لما حصلنا على كل الأشياء التي نحتاجها ونقدر قيمتها في حياتنا: الطعام والمأوى والأمان والتعليم. ولكن الأحلام ضرورية بالمثل. ودون السعي إليها، فإنها سرعان ما تخفت وتبقى شعلة غير مستغلة تحت الرماد. فكر في كل حلم لم تحققه. مهما بلغت من العمر، اسع وراءه. وفكر في أحلام جديدة. ستجد القائمة طويلة للغاية: إنشاء مشروع جديد، أو السفر حول العالم، أو تعلم مهارة جديدة أو لغة ثانية.

المهم أن تظل تحلم. وأن تحلم أن الغد قادم. وأنك قادر على تحقيق حلمك. وأنه ليس هناك سن معاش للأحلام. لأن الأحلام خالدة. وكانت موجودة منذ بدء الخليقة. منذ حلم الإنسان بإشعال النار. وستظل موجودة حتى يصل الإنسان إلى أبعد مجرات الكون.