إهداء

.إلى من زرع الحب والحلم بين جفوني

أجمل البحار

.ذلك الذي لم يزره أحد بعد

أجمل الأطفال

.ذلك الذي لم يكبر بعد

أجمل أيامنا

.تلك التي لم نعشها بعد

أجمل الكلمات

.تلك التي لم أقلها بعد

13 September 2007

الفراشة في أعماقي


قبل أن أعي أي شيء عن الحياة، كنت أحسب نفسي فراشة. فراشة بجناحين. في طفولتي، كنت أتابع الفراشات بعيني وأحسب أنني في يوم من الأيام سيكبر لي جناحان مثلهم. لا أعلم من أين أتتني هذه الثقة بأنني مخلوق غير آدمي. وكنت أعشق الطيران ومراقبة السماء والطائرات والفراشات والطيور وكل ما لا يجد أمامه حائطًا سدًا. طبعًا، كان ذلك يتسبب لي في مشاكل جمة. فأمي كانت تنهرني على الدوام. ومع هذا، لم تقلها لي صراحةً، لم تقل لي: "أنتي لستي فراشة، أنتي بشر من لحم ودم!" ربما كانت تخشى أن تحطم الحقيقة الملموسة الوحيدة لدى طفلة صغيرة. وربما كانت تخشى أن تحطم آمالها المستقبلية. وربما لأنها - في جانب ما من قلبها وعقلها - كانت مؤمنة بذلك. فأنا متمردة وحرة، بقلبي وعقلي. مثل فراشة لا يهمها من أين ينبع النور. ولكنها على استعداد لإثبات جدارتها في الاقتراب منه. هذا غير مشاكل أخرى سببها لي اعتقادي بأنني فراشة. فمثلاً، تعرضت ذراعي للكسر 4 مرات وأنا طفلة صغيرة لأني كنت أنتهز فرصة غياب أمي أو انشغالها وأصعد على ظهر الكرسي وأفرد ذراعي وأرفع رأسي عاليًا دون أن أهتم بالنظر إلى أسفل وأغمض عيني وآخذ نفسًا عميقًا وألقي بنفسي بين أحضان الهواء، فقط لأفيق بسقطة على الأرض تكسر ذراعي وأحيانًا قدمي.

كنت أظن أنني مازلت إلى اليوم أحتفظ بهذه الفراشة العجوز في أعماقي. أبحث لها عن إكسير يرد إليها الشباب أو ترياق يخلصها من سم مضي العمر. أخشى عليها أن تتعطن. ليلة أمس، صادفتني فراشة. جعلت تشاكسني وتطير من حولي. رفعت كتابًا وانهلت عليها بالضرب مرات ومرات في غيظ شديد. ثم توقفت ألهث. لا أكاد أستطيع التقاط أنفاسي. كأنما هرولت أميالاً وأميالاً. رفعت كتابي ونظرت إليها مسحوقة. استحالت رمادًا. لقد دفنت بيدي الفراشة في أعماقي